قصة واقعية ( الشهيد).,,,,,بقلم,,,,أحمد المقراني

 قصة واقعية ( الشهيد).

قصة المواعظ والحكم من أيام الهم والألم والدم.عشتها في سن الثامنة.
نادى الرحيم قوافـــل الشهــــداء°°°°فتسابقوا بالفخـر عنــــد النـــــــداء
نُزُل المليــــك بإتقــــان قــُــــدت°°°°لصفوة الخلـق عاشـــــــقي السّنـاء
جنة الخلد رب البــــرية صــــاغ°°°°لجنـــــود النـــــــــزال في الهيجاء
وجزاهم بما صبــــروا حظوظــا°°°°على درب النبي في الإعـــــــــلاء
وكان الجنان في الأرض حــــلما°°°°فحققـــــــه إلمهيمن في السمــــــاء
إلى مأوى الخلود سرت شهيـــدا°°°°نحو الجنـــــــان مجاوز الجــوزاء
صعدت الذرى بعزمك شامخات °°°°وكتبــت تاريخ البطـــولة بالــدماء
وأمام الحضـور جلجل صـــــوتا°°°°يهـــــــــز الدنـــى بصــــدق الآلاء
بأن الجحيـــــم سيــــأكل خصما °°°°ويُــهـــزم الليـــل بنــور الضـــياء
كلمات في عيون العدى جمرات°°°°أعمت وصمــــت بصيرة الأعــداء
في مزرعة أبي المتواضعة إلى الغرب من مدينة ماطر بتونس يعمل مجموعة من الفلاحين أو المتدربين على الفلاحة ، ومنها زراعة الحبوب والخضر والفواكه.أبطال القصة هم :المرحوم مقراني حسونة أخي الأكبر والمرحوم محمد القرواشي والمرحوم أحمد الغانمي وأخي مقراني مصطفى والقفش العربي من الميلية الجزائر.هؤلاء ما عدا أحمد الغانمي هم عمال المزرعة ، كانوا بعد انتهاء العمل وفي المساء يقدمون العلف للثيران والخيول .يدفع كل واحد (دورو) ويساوي 5 فرنكات ،يذهب أحدهم إلى حانوت بوبقيرة ليشتري 100 غ سكر و10 غ تاي أحمر من أجل السهرة التي تتم في كوخ قريب من مبنى المزرعة .من أجل الإنارة يكتفي هؤلاء بوميض النار المنبعث من الحطبات المشتعلات ،القصص الشعبية والخرافات كانت أغلب محاور تمضية الوقت مع كأس التاي المذكي بالنعناع. كتاب فتوح أفريقيا وكتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور، من بين ما يقدم أثناء السهرة.
في سهرة مميزة حضر فيها أحمد الغانمي ابن عمتي الذي يعمل في المدينة ، وغالبا ما يأتي في يوم عطلته على دراجته الهوائية ليغير الجو في الريف. كان يأتي ومعه الكثير من الأخبار بعضها واقعي والبعض الأخر مبالغ فيه. وفي إحدى السهرات حضر أحمد ليقدم عرضا عن فلم شاهده لمحمد عبد الوهاب بعنوان الوردة البيضاء.أسهب في وصف المشاهد محمد عبد الوهاب وهو بغني: ياللي زرعتم البرتقال والفتيات الجميلات يجمعن البرتقال ويضعنه في السلال ويتمايلن في غنج ودلال.كان أحمد كلما أنس من الجماعة اهتماما إلا زاد في الشرح والإثارة .التفت مصطفى المتفاعل مع أحداث الفلم المروي ،التفت إلى محمد القرواشي فوجده مهموما حزينا ظهر ذلك على هيئة جلوسه وقسمات وجهه .سأله باستغراب: واش بيك آمحمد ؟. وألح عليه فانفجر محمد باكيا وهو يغمغم بكلمات تكاد لا تفهم مقارنا نفسه بهؤلاء المتمتعين بالحياة في الجنة على وجه الأرض،انقلبت السهرة إلى مناحة واحتار الجميع في إرجاع البسمة التي طاردتها أحداث القصة. هدأ الجميع من روع الرجل واكتفى الجميع بما سمعوا من أحداث الفلم.
مصطفى الذي يهوى الشعر الملحون حضره شيطان الشعر بالمناسبة فأنشأ:
آه يا محمد اشبيك ،ربي يهديك، عبد الوهاب بعيد عليك°°° ربي الحنان أما توصلني للجنان،فيه كل ألوان ، نهز قفاف البردقان،تجي بنت فلان ،تقوللي أهلا يافنان، ياسي المزيان أنت لي وانا ليك °°°.آه يامحمد اشبيك ربي يهديك عبد الوهاب بعيد عليك...............هذا ما بقيت أذكره من القصيدة الطويلة.
ضحك الجميع وعادت المياه إلى مجاريها.
انتهى موسم الحرث والبذر ولم يبق عمل يذكر ،انقطع محمد القرواشي عن العمل في المزرعة واتجه نحو احتطاب الحطب وبيعه للمخابز بمدينة ماطر .
بعد مدة وبالضبط يوم الجمعة 17 جانفي 1952 مساء التقاه أخي حسونة في الطريق وعلى حماره حزمة من الحطب وهو يفكر كيف سيدخلها إلى المدينة لأن مثل هذا العمل يتطلب ترخيصا، كان منشغلا قلقا متبرما ،كان السؤال التقليدي: كيف حالك؟.وكان الرد: راك تشوف .سأله :إلى أين ؟. فرد :ماشي لماطر كانش ما نلقاو موتة. لم يجد السائل ما يقول همهم :الله يكون في العون وافترقا .في الغد يوم السبت 18 جانفي 1952 كان المطر ينزل رذاذا والطقس بارد،خرجت لأشتري بعض الحاجات ، لفت انتباهي تجمع وتجمهر عدد من المواطنين أمام مقر الحزب يحيطون بدبابة مصفحة بعد أن اعتقل الجندرمة والجيش الفرنسي بعض المناضلين من مقر الحزب .حاول هؤلاء الوقوف أمام الدبابة ومنعها من التحرك إلا أن أحد المعتقلين دعا المتظاهرين إلى فتح الطريق .تحرك المتظاهرون وبالحجارة رموا المعمرين الذين كا نوا يتفرجون .هربت إلى البيت بعد أن تطايرت الحجارة فوق رأسي وكادت أن تصيبني.
وبينما انا أقص لأمي ما رأيت ، سمعنا سلسلة من الطلقات النارية من صوت رشاشات، صادرة من مقر المقيم العام الذي هو صاحب سلطات واسعة آنذاك ،لم نكن نتصور أن الآمر جدي للحد الذي تجلى .بيتنا كان على الطريق المؤدي إلى المستشفى، بعد حوالي نصف ساعة من سماعنا الطلقات ظهرت عربات الخضر محملة بالجرحى وتوابيت من المساجد ونعوش محملة على الأكتاف خرجت مدهوشا ، دماء تسيل وجثث بأثوابها الرثة المبللة .لفت انتباهي رجل على نعش برجل حافية وأخرى بها حذاء من الكاوتشو ورغم انه يظهر بنصف وجهه إلا أنني عرفته وتيقنت منه ،إنه محمد القرواشي وقد فارق الحياة ،إنه الشهيد الذي تمنى موتة فوجدها وكانت أحسن موتة ،وقد لاقى الجنان الذي بكى من أجله حيا . حضرت في الغد دفن 10 شهداء من بينهم طفل صغير، وقد أبّن الشهداء أستاذي
الشيخ محمد اللموشي الجزائري الأصل. وإلى اليوم مقبرة الشهداء العشر مميزة في ركن بمقبرة سيدي عبد الله بماطر . رحم الله شهداء الحرية في كامل مغربنا العربي وأسكنهم فسيح جناته آمين. وعاشت الأخوة بين الشعبين التونسي والجزائري .إنها عينة واقعية للذكرى. أحمد المقراني
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#من ذاكرتي العتيقة,,,,,,,,,,,,,,,, بقلم,,,,,,بسمه

طريد جنتك,,,,,,بقلم,,,,عادل عبد الرازق

متستبسطنيش ,,,,,,,,,,,,,,بقلم,,,,,: محفوظ البراموني :